بعد قرابة عامين من الإغلاق والحجر الصحي والتباعد الاجتماعي الناجم عن تفشّي فيروس Covid-19، تعود الحياة ببطء إلى شيء مشابه لما كانت عليه قبل الوباء. إلّا أنّ العودة قد لا تكون كما هي متوقعة بالنسبة للكثيرين، حتى أولئك الذين حصلوا على الطّعم بشكل كامل، حيث تواجه الغالبية من الناس ما يُسمّى “قلق العودة”، أي التوتّر والأعراض التي يشعر بها الأشخاص عند العودة إلى حياتهم الطبيعية في عالم غيّره الفيروس.
بالإضافة إلى فرض حالة طوارئ صحية شديدة العدوى، أدّى تفشّي الفيروس نفسه وتدابير السلامة المتخذة للسيطرة عليه إلى إرهاق العديد من الأفراد، وارتبط بمستويات عالية من الضيق النفسي. أشارت العديد من المنشورات والدراسات العالمية عن معدلات عالية من أعراض القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والضيق النفسي والتوتر في عموم السكان خلال فترة وباء فيروس Covid-19، في دول مثل الدنمارك، وتركيا، والصين، وإيطاليا، ونيبال، واسبانيا. كما أظهرت دراسة حديثة أجريت في المملكة العربية السعودية أن واحد من كل أربعة أشخاص تقريباً عانوا من تأثير نفسي متوسط إلى خطير بسبب الوباء.
إليكم ثلاث خطوات لمساعدتكم على الاعتناء بصحتكم العقلية والنفسية خلال اليوم بعد الوباء:
الخطوة الأولى: تقبّلوا مشاعركم وتعرّفوا على مسبّباتكم
من الطبيعي أن تتملّكنا مشاعر قوية أثناء الوباء، وبينما يختبرها الأشخاص على مستويات مختلفة، من الضروري أن نتمتّع بالوعي الذاتي كي ندرك ونتقبّل تلك المشاعر. تذكّروا أن عمليّات الإغلاق والحجر الشديدة أثّرت على الصحة النفسية والعقلية عند الجميع، وأنتم لستم وحدكم. اسمحوا لنفسكم ومشاعركم بشكل كامل، حتى تلك الناجمة عن الخوف والذعر، واكتشفوا ما الذي يسبّبها وما الذي يساعدكم على التعامل معها. سواء كان ذلك الاستماع إلى موسيقى معينة، أو التأمل، أو التحدث إلى صديق، اكتشفوا آلية التأقلم الصحية الخاصة بكم وراقبوا التغيير في حالتكم العقلية والعاطفية.
من المهم أيضًا أن نكون مدركين لأعراض القلق وتأثيراته على الحياة اليومية. يتضمن ذلك مشاكل في النوم، وتقلّبات المزاج، والأفكار المتطفّلة، والتغييرات في الشهيّة، وعدم القدرة على التركيز لفترات طويلة.
الخطوة الثانية: اتبعوا الوقت والوتيرة الخاصة بكم
- 1. العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية
إن الاضطرار إلى الاستيقاظ مبكرًا مجدّداً، والذهاب إلى المكتب، والشعور بالالتزام لحضور اللقاءات الاجتماعية، هي عدد قليلة من الأسباب العديدة ل”قلق العودة”. خذوا الوقت للتكيّف مع الظروف الاجتماعية والصحية العامة المتغيرة وفقًا لوتيرتكم الخاصة. يمنحنا الانتقال التدريجي الوقت اللازم لبناء الخبرة، ومع تطوّر هذه العملية تدريجيًا، سيعود الشعور بالأمان.
- 2. البقاء على اطّلاع، وقطع التواصل عند الحاجة
من المهم أن نبقى على اطّلاع خاصة عندما يتعلق الأمر بالتحديثات في مجتمعك، إلّا أنّ الانشغال الشديد بالأخبار أو وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يساهم في القلق والاكتئاب. في دراسة نُشرت مؤخرًا حول الآثار النفسية بين السكان البالغين في الأردن أثناء الوباء، أفاد 70٪ من الأردنيين أن زيادة استخدامهم للهاتف المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي أدّى إلى زيادة مستويات الاضطراب النفسي لديهم، وأنّ الخوف من فيروس Covid-19 له علاقة كبيرة بالاكتئاب والقلق والتوتر.
الخطوة 3: اسعوا إلى الحصول على العلاج النفسي والدعم للصحة العقلية
في الولايات المتحدة وحدها، زادت خدمات العلاج والرعاية النفسية عبر الإنترنت 5 مرات في عام 2020 مقارنة بعام 2019، حيث أشار حوالي نصف المرضى إلى التوتر والقلق كأسباب رئيسية لطلبهم العلاج. من السهل أن نشعر بالإرهاق عندما نبدأ في استئناف أنشطة التي كنا نمارسها قبل الوباء. يلجأ الكثير منا إلى الأنشطة المنفردة للتحكم بالشعور بالتوتر، سواء من خلال التمرين، أو الفن، أو اليوغا، أو القراءة، وغير ذلك. تُعتبر طرق الاسترخاء وتمارين التنفس والممارسات الذهنية مفيدة كعناصر أساسية في علاج إدارة التوتّر، ولكنها ليست دائمًا كافية. إذا كنتم تواجهون صعوبة على التأقلم بمفردكم، فإن السعي للحصول على الرعاية النفسية المتخصّصة أمر ضروري لمعالجة التوتر والقلق بشكل صحيح. تتوفّر اليوم مجموعة متنوعة من الخيارات لتلبية الطلب المتزايد، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو المعيار الذهبي للاضطرابات المتعلقة بالقلق، كما أن العلاج بالتعرض يساعد كثيرًا.
يقصد هذا المحتوى لتزويد المعلومات العامة فقط ولا ينبغي التعامل معه كبديل لنصيحة طبيبكم والمشورة الطبية لأي متخصص رعاية صحية. تواصل مع الأطباء والمتخصصين في بلدك إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفه يعاني من مشاكل نفسية أو عقلية.